عندما نسمع هذه المبكاة
فلتتوقف جميع الأحاديث
و لنصغ جميعاً إلى مبكاة تشردنا
و لنحفظ معانيها العميقة في قلوبنا
مع أننا خسرنا المعركة
فنحن لم نحاول أبداً أن نخسر إنسانيتنا
و إن من ساعدوا الأعداء على الإنتصار علينا
هم منا ، ممن يعيشون بين ظهرانينا
فمن أمثالنا :
( جذع الشجرة القوية ، لا يفلقه إلا جذع مثله )
فالذين ضيعونا ، هم إخوتنا ، منا
لو هجرنا وطننا فلن نستطيع نسيانه أبداً
و لو بقينا فيه
فلن نستطيع تحمل ما يفعله جيش الأعداء بنا أمام أعيننا
نحن الآن نهجر الوطن دون أن تفارقنا أحلامنا بالعودة إليه
نهجر الوطن مرغمين ، متلفتين إليه
عسانا يوماً نعود إليه
***
هذه المرثية الجميلة ليست من فلسطين و لا سوريا و نعم ليس العراق ... إنها من تأليف حاج برزج جراندوقه و نقلها حتقوه قوال إلى المؤرخ كوبا شعبان الذي دونها، و صَدَّر بها زياد قاسم روايته ( أبناء القلعة ) عن عمّان ، و لن أتحدث عن روايته هنا بل سأتحدث عن كتاب ( السنة الأخيرة لحروب الشركس من أجل الإستقلال ) من تأليف فون فيل و ترجمة فاخر دبجن .
(((هذه نبذه عن الحاج برزج جراندوقه وبيخ من كتاب فيصل حبطوش خوت أبزاخ: أعلام الشراكسة، مؤسسة خوست للإعلان، عمان، الأردن (2007) . و هو صاحب القصيدة المذكورة و هو نفسه المذكور في المقدمة ، الذي رأس وفد الشراكسة إلى القيصر الروسي الكساندر الثاني في 1861م . على الهامش في نفس العام أصدر القيصر نفسه مرسوم تحرير العبيد و هذا القيصر الذي تم اغتياله عام 1881
****
هذا الكتاب في طبعته الاولى باللغة العربية صدر في عمان عام 1927 و يُعَدُّ و حسب تصنيف دائرة المكتبة الوطنية أول كتابٍ يطبع في الأردن ( نقلاً عن مجلة السجل الصادرة في عمان - العدد الخامس -2009) و الطبعة فيها مقدمة مذيلة باسم جمعية الدراسات في مقاطعة الأديغة و متحف الأديغي التاريخي الإثنوغرافي 1927.
و الكتاب بحد ذاته كتاب من القطع الصغير يقع في ثمانين صفحة مطبوع باللون الاسود و فيه بالضبط خمسة رسوم أحدها خريطة كلها غير ملونة ، و هو من إصدارات وزارة الثقافة في المملكة الاردنية الهاشمية - مكتبة الاسرة - القراءة للجميع - 2012، و حسبما يذكر المترجم أن الكتاب طبع في الملحق الاسبوعي بجريدة المعاق الروسي لعام 1865، لأول مرة ، أي بعد انتهاء الحرب الروسية الشركسية بسنة واحدة.
الكتاب هو مذكرات مكتوبة و مترجمة بحذق عن آخر سنة من الحرب التي خسر فيها الشركس و أهل شمال القفقاس الشيشان و الداغستانيون استقلالهم و هاجروا فيها من بلادهم مرغمين باتفاق روسيا و تركيا و تخاذل الغربيين و بالذات الانجليز و الفرنسيين عن نصرتهم .
الكتاب من الكتب النادرة الحصول ... قلبت الانترنت طولاً و عرضاً و كان ما وجدت صورة للغلاف لدى الوقف الشركسي و أخرى تفيد بأن هناك نسخة في مكتبة تونسية عامة طبعتها جمعية المقاصد الخيرية الشركسية و لربما تكون نفس النسخة الاصلية،و لم أجد نسخة بالانجليزية ، و لم أجده كمرجع ، و حاولت البحث في سجلات المجلات و الجرائد الروسية بالانجليزية ايضاً لم أجده و لا وجدت ذكراً للمؤلف .
أما النص و الكتاب فأنا لن أتكلم كمؤرخ ، فأنا لست مؤرخاً ، و لكن كقاريء أحب أن يستمتع بالقراءة عن مبحث تاريخي يهمه و لا أحسن من شاهد عيان.
الكتاب من صنف المذكرات الشخصية ، و إن جاء شديد الاختصار و الاختزال . يتحدث في ثمانين صفحة عن أحداث سنة رافق فيها بعثة تتضمن -فرنسيين و بولنديين و إنجليز و طبعاً شركس -في رحلة تمتد زمنياً لمدة سنة و خلال قرى و جبال و سواحل بلاد الشركس على البحر الاسود، حاملين معهم خمسة مدافع ....تبدأ و تنتهي المذكرات و لا تكاد تفقه مابال هذه المدافع ؟! أعاقت حركتهم و لم تفدهم و لم تستعمل. أما حال السكان الشركس فمؤلم و هذا أقل ما يوصف به ، القتل و الحرق و التشريد و التهجير و في نهاية المطاف الخيار الوحيد هو الخروج من رمضاء الروس إلى نار الأتراك ... ليموتوا جوعى على أرض المهجر ،و سبايا تباع في الاسواق . أما كاتب المأساة هذه فقد نجا بجلده قافلاً إلى بلده تاركاً وراءه ما يزيد على المائة عام من الصراع و الهجرات إلى مجهول التاريخ . أمة قتلتها كرامتها و باعها الصديق قبل العدو .
سيئة الكتاب أنه لم يكن دقيقاً من حيث فهم العادات و التقاليد و لا الدين الإسلامي و هنا كان دور المترجم ضعيفاً، و السيئة الأخرى أنه لام الأتراك بقدر الروس ، و هذا ليس بعدل .تستطيع أن تلوم الأتراك و لكن الأمور ليست بهذه البساطة و لذا أنا مضطر للتوضيح لأن الكتاب أشبه بالعمل الصحفي ، تحدث عن اللحظة و لم يشرح للقاريء ماذا يقرأ بالضبط و عم يتحدث . هناك شعوب و هناك حقائق لابد أن تذكر.
من هم شعوب القفقاس الشمالية و من هم الشركس تحديداً ؟
--------------------------------------------------------------------
سأختصر الأمور ببساطة و أؤكد لست مؤرخاً
*الشركس.. هي التسمية التي أطلقها اليونانيون على سكان الساحل الشرقي و الشمالي للبحر الاسود و في المظنون تشمل الشعوب التي تعيش في شمال القفقاس ... و إن استعمل العرب هذه التسمية لاحقاً بصيغة شركس و جركس ... إلا أنه حالياً تقتصر هذه التسمية على ما يعرفه أصحابه بالأديغة ... و هم مجموعة من عدة مجموعات تتحدث لغة متشابهة
الاصل متعددة اللهجات و أشهر قبائلهم (الشابسوغ ،الويبخ ،القبرداي ،الأباظة -الأبخاز )
*الشيشان و الأنغوش .. يتحدثان لغة من أصل واحد إلا أنهم يختلفون مع بعضهم في أن كلا منهم يعيش منطقة جغرافية مختلفة
*الداغستانيون ...آفار .. دارغين .. قموق .. إلخ... بلغات و لهجات مختلفة في أقصى شرق شمال القفقاس
*البلقار و القرشاي و الاوسيتيون و غيرهم
ما يهمني هنا المجموعة التي تعارفت ضمناً تحت مسمى شركس أو أديغة
و قبل أن أنسى ... القفقاس الجنوبي يضم شمال تركيا و أرمينيا و أذربيجان و جورجيا ،و هناك جزءٌ من السكان أيضاً من القوميات السالفة الذكر.
الآن طبعاً تفهم تعقيد المسألة إذا اضفنا الأتراك و الروس و الاوكرانيين و التتر و الفرس إلى المعادلة . و كل له مطمعه . عدا أن المنطقة فيها الأديان الثلاثة الابراهيمية و بتشكيلات المذاهب المختلفة .. و شمالها توجد في جهات المستنقعات قومية مختلطة من القوزاق و كل من جلبه الحظ العاثر إلى هناك خلال عمليات النفي أو الكر و الفر بين الجيوش المختلفة .
* و الشركس قومية قديمة سكنت هذه المنطقة و لها أساطيرها و عاداتها ( الخابزة) و رقصها و ملابسها و الأهم لغتها ( تكتب حالياً بالحرف السلافي و إن كان هناك حرف أصلي يعود حسب الاعتقاد للحيثييين ) ...
علاقتنا كعرب بالشركس قديمة ... تبدأ مع استقدامهم كمماليك غلى العراق و مصر للحرب و تمتد بعد ذلك عبر دولة المماليك و خصوصاً المماليك الشركس منهم و تستمر إلى الهجرات الحديثة ... و هم موجودون في تركيا و الاردن و سوريا و لبنان و فلسطين و العراق و مصر و السودان و ليبيا و تونس .
الحرب المذكورة اعلاه جاءت عقب بدايات التوسع الروسي في سبيل الوصول إلى الحلم الروسي الاثير بالوصول للمياه الدافئة و عقب انتهاء حربها مع السويد و بدء الحرب مع بلاد فارس 1763 و قد يرجعها البعض إلى عشرينيات القرن الثامن عشر مع أول حرب و تعديها مناطق الداغستانيين أو الشيشان في كل الأحوال لم تكن الحرب بالضراوة اللاحقة .
الحرب الروسية الشركسية أو حروب القفقاس اعتماداً على ما ذكرنا سابقاً من أن الشركسي قد يشمل كل شمال القفقاس
يوم 21 مايو هو اليوم المأساوي في حياة هذه الأمة و لا تكاد المصادر تجمع على رقم و لكن يعتقد أن الحرب أفنت أكثر من نصف الشركس و هجرت قرابة النصف مليون و أن الروس خسروا فيها قرابو المليون و نصف المليون .. و لسوء الحظ فإن حرب القرم التي حدثت بعدها و بالتوازي خسر فيها الروس و لحقهم في هذه الخسارة القفقاسيون المسلمون كونهم ساعدوا الاتراك .
المهم أن الانجليز و الفرنسيين المصممين على كبح جماح الالمان و الروس رأوا في الرجل المريض التركي عقبة و لم يمدوا الشركس و لا الاتراك بما يلزم .. اكتفوا بحرب القرم و أدرك الأتراك ذلك لاحقاً و تحالفوا مع الالمان و قد حارب الشركس مرة اخرى في فيلق شركسي إلى جانب الأتراك و أحد معاركهم كانت في عمان قبل استسلامهم .
و هنا مجموعة من أعلام الجهاد في القفقاس
و هذا موقع الاستاذ فيصل حبطوش ... و هو زاخر بالمعلومات الفريدة
هذي عن مقدمات الحرب الروسية الشركسية.. كيف و لماذا؟
عن دور البولنديين في هذه الحرب ... كونهم ذكروا في الكتاب كثيراً
من أفضل المقالات عن الشركس ما كتبه الاستاذ زياد أبو غنيمة عن هجرة الشركس إلى الاردن
عن اللغة الشركسية.. الاديغة
عن الشيشان و هجرتهم للأردن و الموقع بحد ذاته تحفة
و هذا من أجمل المقالات في الموضوع القفقاسي في العصر الحديث
الأديغة خابزة أو أديغة نيميس أو العادات الشركسية و التقاليد
الأساطير الشركسية
http://sanh75.arabblogs.com/categories/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%B3%D9%8A%D8%A9/
http://www.goodreads.com/book/show/12809902
الزي الشركسي
الرقص الشركسي بعادات الجوغ كاملة
دخول الإسلام لبلاد القوقاز (القوقازيون أو العرق الأبيض ليسوا القوزاق سكان المنظقة شمال إقليم القفقاس و هم من المسيحيين الأرثودكس و خليط ممن تم نفيه أو سكن بسبب الحروب تلك المنطقة).
http://www.sukhneh.com/main/index.php?option=com_content&view=article&id=128%3A2009-06-10-21-18-26&catid=33%3A2009-06-10-13-02-47
فيديو لمن يكرهون القراءة للمؤرخ محي الدين قندور و بالمناسبة له عمل رائع سداسية عن تاريخ القفقاس على شكل رواية ممتعة جداً
و طبعاً لمحبي الاستزادة هناك محمد خير مامسر و موسوعة في خمسة آلاف صفحة (الموسوعة التاريخية للأمة الشركسية - الاديغة)
الإخوة الاعزاء أرجو أن أكون وضعتكم على بداية الطريق نحو فهمٍ أفضل للقفقاس و من كان لديه تعليق فأهل مكة أدرى بشعابها (فأنا عربي و لست قفقاسياً).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق